-->

شعر ونثر

{"widgetType": "right post text","widgetLabel": "شعر ونثر","widgetColor": "#CF000F","widgetCount": 6}

كون عديم اللون


كـونٌ عديم اللّون، أو كلّه رماديٌّ
لم تحن ساعة الـحبّ بعد!

قد يهدأ الطّقس الرّبيعيّ قبـل أن يغتال هدأته،
وقد يرجئ وقـد البراكـين؛ حتّى تتمّ الولادة:

ولادة السّكون الـمرعب، وألـمعيّة النّرجس، وأقـبية الوحدة، وكلّ السّنين الّتي شنقت أطيافها…
ولادة فضاءٍ من الأمس الـمخمّر بالذّكريات، وبانتكاسات الـمواضي الـمتعبـة،
بالـخسارات تزهو بمجدها الرّخيص،
بحيرة العـقل في محيطٍ ساذجٍ،
برحلة الكيان في متاهة الـخطّ البيانيّ الصّاعد الهابط،
بالفجاءة تنمو في صخب المدينة،
بالزّمن الـجنينيّ لظلامٍ قاهرٍ غشومٍ مستحيلٍ،
بالجنس يرقص بين أفخاذ النّـبـوّة،
بعمرٍ شقـيق العتمة،
بكلّ شيءٍ، وبلا شيءٍ…
… … …

قد يتردّد الطّقس الرّبيعيّ في خلق ياسمينٍ جديدٍ يشاركه الدرب، ويحرسه من الـمآتم،
وقد يهـلك قبـل أن تهزمه رائحة البرد؛
فيكتمل الـمشهد خارج النّـيّات، وخارج الـمتوقّع،
ويغدو للمكان مذاقٌ محايدٌ، وللهواء فيزيائيّة الزّئبق، وللحنين صدىً مربكٌ وصورةٌ يعجز الأوان عن نسيانها…

ألمّ ما تبقّى من الوقت، وأغادر نحو كونٍ لا تصلح فيه قوانين الجاذبيّة، وما طاوله الخيال يومًا…

ترافقني الفراشات ورائحة الفراش الصّباحيّة لأمٍّ قد استحمّت بعطر الأرز لتغوي أرقها،
لعلّها تحلم بغدٍ آمنٍ لأطفالها، وتنفض عن يومها ملامح الرّهبة؛
فأنتهي مع الفراشات إلى رقصٍ رشيقٍ ليّنٍ، فضاؤه الـمدى، وإيقاعه لا صوت له، وأطيافه لانهائيّةٌ…
… … …

وحيدًا في القبو،
أقرأ في الكتب الـمقدّسة عن خطايا الياسمين،
ينادمني الصّمت، وفتات الوقت، وفنجانٌ من القهوة الباردة، وقصاصات الورق، وآثار الألوان الزّيتيّة، ولوحةٌ ناقصةٌ، ونعيق الغربان في الخارج، وزجاج نافذةٍ يكشف عن سماءٍ لا لون لها… وكأنّ الـنّـبض ينتظر آذار من غير ما جدوى؛ فهذا الرّبيع غيره في الأمس، وشجرة الخوخ لم تعد تصغي إليّ، ولا شجرة التفّاح، ولا البتولا، ولا شجيرات العنّاب، والعصافير لم تعد تدقّ على نافذتي الخلفيّة الصّغيرة لتوقظني من النّوم، أو تطرق بابي كي تحاورني…

أستسلم لافتراءات النّهاية على البداية، وأكتشف للـمرّة الأولى أين انتهت قوافلي عندما أخطأت، وانسحبت إلى عوالم خاليةٍ من الزّيزفون…

كأنّ آذار يعرف كلّ شيءٍ…
كأنّ آذار يجهل كلّ شيءٍ…
كأنّ آذار يذكر كلّ شيءٍ، حنيني وبراءة الـحبق؛
فينتحر على بكاء الوقت قبل أن تدركه الخيبة…

لم تحن ساعة الـحبّ بعد؛
فما زلت أخشى الحنين، وأخاف التّمنّي،
وهذا الكون عديم اللّون، أو كلّه رماديٌّ
TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *